حوار جريدة الأهرام مع الأستاذ الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة


جريدة الأهرام تجري  حوار مع الأستاذ الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة والذى أجرته الأستاذة كريمة عبدالغنى بتاريخ 8/7/2015 فى إطار إصدار الأهرام ملف الدور الوطنى للقضاء المصرى


والحوار كالتالي :


ما المكانة التي يشغلها القضاء المصري وهل له خصوصية تاريخية بين المؤسسات القضائية الأخرى من وجهة نظرك؟

خصوصية القضاء المصري أن له جذور تاريخية عريقة ، يكفى أن نعلم أن أحكام مبادئ بالقضاء المصري تدرس في أكبر الأكاديميات القانونية بالعالم ، فأحكام محكمة النقض والاستئناف والقضاء الإداري كانت تترجم للغات الانجليزية والفرنسية والألمانية وتدرس حتى الآن في تلك الأكاديميات ، وفى مصر محكمة دستورية تعد المحكمة الثالثة على مستوى العالم من بين أكثر 120 محكمة دستورية ، وتتميز الدستورية من نواحي معايير الاستقلال والمعايير الفنية في إصدار الإحكام والكفاءة والمهنية وقانونها .

ما أهم المراحل التاريخية في سيرة القضاء المصري ونشأته وتطوره؟

نشأة فكرة القضاء الحديث في مصر مع بناء الدولة الحديثة في عهد محمد على ومثلت السلطة القضائية ضلعاً أساسياً ومهماً في الدولة المصرية ، وهى مؤسسة وطنية من الطراز الأول، وفى كل الأوقات أثبتت وطنيتها وقدرتها عن الدفاع عن مقدرات هذا الوطن والحقوق والحريات ،كما أنها مؤسسة مشهود لها تاريخيا بالكفاءة والاستقلال ، وأهم ما يميزها والضلع الأهم فيها ألا وهو العنصر البشرى الممثل في القاضي المصري الذي يتكون يقينه دائما على حب العدل والوطن والدفاع عنه ،ولذلك كان دائما للقضاء المصري دور أساسي في حراسة هذا الوطن وفى بناء نهضته الأساسية ، وعندما حدث الاحتلال الانجليزي لمصر عام 1882 وبدأ الاحتلال الأجنبي محاولة تطويع المؤسسات المصرية لخدمة المحتل فكان القضاء المصري يقف موقفا صلبا ضد اختراق المحتل.

وهل استكان الاحتلال للموقف الصلب للقضاء المصري أم انه وجد حيلاً أخرى لاختراقه؟

ظل الاحتلال عشرات السنين يكرر محاولات الاختراق للقضاء وتطويعه لاستخدامه لإخضاع الشعب المصري والوقوف ضد مصالحه ، واستخدم المحتل لتحقيق ذلك إجراءات كثيرة جدا ولكنه لم ينجح ، وهو الأمر الذي جعل الاحتلال الانجليزي يلجأ لحيلة إنشاء مسار قضائي أخر مزدوج أطلق عليه " القضاء المختلط" وهذا لعدم تمكنه من اختراق القضاء المصري ، والغريب أنه في ظل هذا الاحتلال عُرفت مصر بنهضة قانونية لم تعرفها دول كثيرة ومنها الدول الأوربية ، حيث برع أبناء هذا الوطن في صناعة القانون ، والقوانين المنظمة ، وكانت دائما ما تستخدم الثقافة القانونية والقضائية كثقافة مناهضة للاحتلال الانجليزي ، وبينما كان ذلك الاحتلال يسعى لبسط ثقافته القانونية الانجلو سكسونية وفقا للنظرية القانونية الشهيرة في بريطانيا ،والتي تمكنت من فرضها بكثير من الدول التي احتلتها وعلى رأسها الولايات المتحدة والتي لازالت تسير وفق هذه النظرية حتى وقتنا هذا ، فلا يستطيع أحد أن ينكر تأثيرات الاحتلال ثقافيا ، والقانون جزء مهم جدا ومهيمن على المكون الثقافي لكل أمة وشعب ، فالدول التي احتلتها بريطانيا سواء في الأمريكتين أو إفريقيا واسيا كانت دائما الشخصية الانجليزية تفرض سيطرتها وحدث ذلك بالنسبة لفرنسا بشمال إفريقيا .

وكيف تمكنت المؤسسة القضائية مقاومة الاحتلال ومنعت تغلغل الثقافة الانجليزية؟

المقاومة تمت من كل المؤسسات المصرية وفى مقدمتها المؤسسة القضائية والقانونية ومقاومتها كانت مثيرة للإعجاب ، رغم أن هذا الجزء لم ينل حقه من الدراسة التاريخية ، للوقوف على كيفية استخدام المصريين للقانون ، وكيف تحصنت المؤسسة القضائية بثقافتها ووطنيتها وأن تكون شوكة في ظهر المستعمر آنذاك ، وفى الوقت الذي فرض المستعمر قانونه على الدولة ،كانت الثقافة المصرية القانونية كنوع من المقاومة تتجه إلى الثقافة القانونية اللاتينية والتي تتبع المدرسة الفرنسية، فالقضاء يمثل عمق الدراسات القانونية ، لان القاضي هو الذي يتعلم القانون ويستمر في قراءته ويحوله من نصوص قانونية إلى أحكام ثم إلى ثقافة والى حياة ولذا كانت مؤسسة القضاء ضلعاً أساسياً من منظومة القانون التي تقاوم المحتل، والذي لم يتمكن من إخضاع المحاكم المصرية المستقلة لرغباته وفى ذات الوقت لم يكن لديه استعداد أن يدعها تحاكم الأجانب دون تدخل منه وهو الأمر الذي جعله يضطر للجوء لمسار موازى وينشأ فكرة المحاكم المختلطة، وإدخال عنصر أجنبي للمحكمة لييسر له رغباته، غير أن الغريب في الأمر أن هذه المحاكم المختلطة ووفقا لقراءة تاريخها الذي يقدر بثلاثين عاما ، يتضح أن السنوات الأخيرة لهذه المحاكم اتجهت للتأثر بالمحاكم المصرية ، ولذا ظل القضاء المصري حاميا للسيادة الوطنية ولوجود الدولة المصرية باعتباره سلطة أساسية من السلطات، ولذلك كان ولازال محلا لكل من يستهدفون الأمة والدولة المصرية ويريدون لها التفتيت.

ما تفسيرك لسر هذا الاستهداف الدائم وعبر التاريخ للقضاء بالتحديد؟

هذا لأنهم يدركون أن وجود السلطة القضائية المصرية موحدة يزيد من قوة وهيبة الدولة ، ويستهدفونها في محاولة منهم لتفتيت عراها سعيا لتفتيت الدولة، وهناك مشهد مر على أذهان الكثيرين مرور الكرام ، غير أنها على القانونين أمثالنا يصعب أن تمر دون تفحصها ، فبعد 25 يناير في سيناء كانت الجماعات المتطرفة ترفع أعلامها الداعشية وتسير في استعراض طوابير عرض هناك لتظهر قوتها ومدى سيطرتها على شمال سيناء ، وواكب ذلك سعى لإنشاء محاكم عرفية في سيناء ، والأخطر من ذلك بعام حكم الإخوان كانوا يتحدثون عن مجالس عرفية لفض المنازعات في سيناء والصعيد واعدوا لها مشروع قانون تناقلته الألسنة بمجلس الشورى وحكومة هشام قنديل ، ولكن نحمد الله أنه وئد في مهده ، فإذا تساهلت دولة ما في التفريط فى جزء من سلطاتها القضائية أو جزء من سيادتها بترك المنازعات لمجموعة من الأشخاص لفضها عرفيا فهذا تفريط في سيادة الدولة ووحدتها ، وهذه كانت مشكلة خطيرة جدا والإخوان أثناء عام حكمهم سعوا سعيا دءوبا لتفتيت الدولة المصرية بتفتيت سلطاتها وفى القلب منها السلطة القضائية .

كيف وئد مشروع هذا القانون وهم كانوا يملكوا سلطة التشريع في هذا العام؟

مشكلة الإرهابيين والمتطرفين أنهم كانوا يظنون أنهم يفهمون تركيبة هذه الدولة ، ولكن مصر دولة نظامية عتيقة وقديمة وثابتة البنيان ،ولذا كل الأفكار والحركات الصبيانية المتطرفة التي يقومون بها لشق هذه الدولة لن تنجح أبدا لأنهم لم يعوا طبيعة هذا الشعب ،واعتقدوا واهمين أن استخدامهم للدين ، وتحصيلهم زكاة وصدقات المصريين وإعادة توظيفها لمسائل سياسية ، ستمكنهم من ابتلاع الدولة المصرية وهذا أمر مستحيل تحقيقه ، لان الدولة المصرية عصية على أن يبتلعها أحد ، فلو نظرنا بكل جنبات العالم العربي، لن نجد صامد فيها إلا مصر بمؤسساتها وجيشها وشعبها والذي لديه القدرة على تحمل الصعاب،ويجب أن ندرس التاريخ المصرى جيدا لنعرف قدرات هذا الشعب , فمصر هي الصخرة التي سيتحطم عليها كل الأفكار التي ترغب في تفتيت العالم العربي ، فمصر تمكنت من صد وكسر التتار "الذي دهس المشرق العربي وشرق أسيا" على أعتابها في وقت لم يكن لديها جيش ولا حكومة ولا حاكم يدير أمورها ، فما بالنا الآن ونحن نملك جيش وطني قوى غير فئوي.

ما الدور الذي يمكن أن يلعبه القضاء في بناء الدولة الحديثة؟

الدولة الوطنية الحديثة تقوم على محورين أساسيين ، أحدهما يقوم على مظاهر السيادة في بناء الدول ، والممثلة في احتكار الدولة للقوة العسكرية ولتوزيع العدالة بين المواطنين والتي تعبر عنها السلطة القضائية والقوات المسلحة والشرطة، وفى حال انكسار تلك المظاهر فلا وجود للدولة ، فلا أحزاب سياسية ولا مؤسسات فرديه بإمكانها قيام دولة أو الحفاظ عليها، وخير دليل لذلك المشاهد التي نتابعها في ليبيا والعراق وسوريا، لا وجود فيها للقضاء أو الجيش أو الشرطة ولذا سقط ت هيبة الدولة وبنيانها لعدم تمكنها من إقامة قضائها أو من وجود جيش يحميها من الخارج وشرطة تحميها بالداخل وهذه مظاهر فكرة تواجد السيادة بالدولة ، لان انهيار ضلع من هذه الأضلاع يؤدى لانهيار الدولة ، وهذا سر عداء الإخوان والجماعات المتطرفة للمحاور الرئيسية للدولة بهدف كسر هيبة وقوة ونفوذ الجيش والقضاء وهما الضلعان الأساسيان للدولة والقائمين على حماية والدفاع عن جميع مؤسسات الدولة وشعبها.

ما دور القضاء في صيانة الحريات العامة والفردية في الدولة؟

يجب أن لا ننسى أحكام القضاء المصري في مواجهة تزوير الانتخابات ، والقرارات التي كانت تصدر لمصادرة الحقوق والحريات،كما أن مجلس الدولة تحديدا لعب دورا خطيرا في هذا الأمر ، وكذلك أحكام المحكمة الدستورية العليا والتي تعد أكثر حماية لأحكام الحقوق والحريات من المحكمة الدستورية العليا بأمريكا ،وهذا دلل عليه بدراسات للدكتوراه في كلية الحقوق والتي من خلالها تم تحليل أحكام المحكمة الدستورية العليا بالمقارنة بقضاء المحاكم الدستورية في الدول المختلفة ،فدور القضاء المصري في حماية الحقوق والحريات يشاد به ، وخير دليل على ذلك رغم أننا رغم نمر بحالة استثنائية وجرائم استثنائية إلا أن المحاكمات جميعها تتم وفق القانون والإجراءات العادية

هل القضاء المصري عبر تاريخه تمكنت سلطة تنفيذية أو حاكم من التدخل في شئونه والتأثير على استقلاليته ؟

محاولات الاختراق للسلطة القضائية باءت بالفشل لقوة القضاء المصري ،والذي خاض معارك الحفاظ على استقلاله باقتدار وأنشئ مجلس الدولة عام 1946 والذي اثبت من أول لحظة كرامة كبيرة جدا في حماية الحقوق والحريات وفى ضبط إطار السلطة والتي تحتاج لقضاء قوى ومستقل والذي لا يعتبر فقط ضلع من إضلاع الدولة ولكنه أيضا من يحدد المسار الصحيح بالدولة ، لأنه أخر باب للمواطن لجوءه للقضاء ويجب أن يكون هذا اللجوء محصنا بالعدالة ، وأصبح للقضاء المصري جناحان من القضاء العادي و الإداري ،بالإضافة إلى القضاء العسكري لمحاكمة العسكريين ، وأصبح القضاء ثلاثي الأبعاد يمثل السلطة القضائية،والتي تصدت بكل قوة لأي محاولة تدخل بشؤونها والنيل من استقلالها ومن أمثلة ذلك ما حدث بعد قيام ثورة 23 يوليو ، وأراد الزعيم جمال عبدا لناصر تغيير الواقع المصري حيث تولى رئاسة الدولة وهى تعانى من مشاكل اجتماعية كثيرة ورغب في تغيير هذا الواقع ، غير أن ذهنه لم يدرك أنه يجب أن يغير في إطار القانون والقضاء ومن هنا حدث تصادم بينه وبين مؤسسة القضاء ولم يستطع عبد الناصر إخضاع القضاء أو تطويعه على الرغم من شعبيته الجارفة ورغم إصلاحاته الاجتماعية والتي كانت مدعومة شعبيا وظل القضاء مقاوما صلبا لصالح الدولة المصرية رافضا أن يكون القضاء فرعا في الحكومة ، فالقضاء ليس جزءا من النظام السياسي بل جزء من الدولة، فالسلطة القضائية سلطة مستقلة وهو الأمر الذي يختلف بالنسبة للسلطة التنفيذية والتشريعية وهما سلطتان متداخلتان وتبعد وتستقل عنهم السلطة القضائية ، ولذا بدأ عبد الناصر في تغيير تفكيره للخروج من هذا الأمر .

إذن أنت ترى أن القضاء لم يخضع لحاكم في وقت من الأوقات على مدار تاريخه ومنذ نشأته؟!

لم تخضع ابدآ السلطة القضائية لأحد، وذلك من واقع قراءة تاريخ القضاء قديما وحديثا، وذكرنا سابقا مواجهاته بنجاح مع الاحتلال وعبد الناصر، و الذي جاء من بعده السادات وكان ذكيا و تعلم من مشكلة عبد الناصر ،ورأى أن الاصطدام بالسلطة القضائية أمر لا يمكن النجاح فيه ، ولذا أنشأ محاكم موازية ليحيل إليها بعض القضايا ، وتوسع في المحاكم الاستثنائية، كمحاكم المدعى الاشتراكي والتابعة له، ومحاكم أمن الدولة طوارئ، وهذا كله رغبة منه في الابتعاد عن الاصطدام بالمؤسسة القضائية، ومنذ ذلك الوقت ظل القضاء المصري رائعا في أحكامه، وسار مبارك على نهج السادات واستبعد فكرة الصدام مع السلطة القضائية لأنها غير مجديه وعمل وفق إستراتيجية وجود قضاء استثنائي فضلاً عن التوسع فى الإحالة إلى القضاء العسكرى لمواجهة الحالات الاستثنائية وفق اعتبارات قد تطرأ فى كثير من الدول ، "فأمريكا نفسها في مواجهتها للإرهاب لم تواجهه بالقانون الامريكى ، وأنشأت جوانتانامو واعتقلت فيه المتهمين وعاملتهم كما لم يعامل الحيوانات ، وبعد رحيل مبارك نأتي لسنة الإخوان والتي تحتاج لتدبر بالغ الأهمية لنعرف أين نقف ومن نحارب ومن يقف ورائهم ويدعمهم، ويجب أن نعى أن فكرة إيمان الإخوان بالانتخابات وإيمانهم بتداول السلطة عن طريق الصندوق هذا أمر كذب ، وما يحدث في مصر الآن كان سيحدث لو لم يعلن مرسى رئيسا للدولة وقياداتهم هددوا بذلك فعليا قبل إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية ، وقد استبق الإخوان ومن يؤازرهم إعلان النتيجة بفوز مرسى ، والإخوان في بداية عام حكمهم بدأوا بإستراتيجية لم يلتفت إليها كثيرون للان وتحتاج لدراسة، فالإخوان عندما استلمت مصر لم يشغلها كيفية إدارة الدولة المصرية ، بل فكرت في إعادة ترتيب الدولة المصرية لحكم يستمر إلى أن تقوم الساعة ، وذلك التفكير كان قائم على احتواء مراكز القوى من القضاء والجيش في الدولة أو اختراقها، ولذا رأينا من شهر يونيو حتى نوفمبر كان عملهم ينصب على فكرة الاحتواء ولم ينجحوا،وبعدها حاولوا اختراق الجيش وأجهزته وكذلك القضاء وفشلوا أيضا، وبدأ على التوازي حدوث مرحلة أخرى بإنشاء قضاء موازى داخل ذات المؤسسة حتى تنفجر من داخلها ، وجيش موازى يواجه الجيش المصري، وهناك واقعتان على الشعب استرجاعهما وعدم نسيانهما ،الواقعة الأولى خرجت من مكتب الإرشاد بتصريح مهدي عاكف عندما قال أنه سيتم خفض سن المعاش للقضاة لكي يخرج 4500 قاضى من شيوخ القضاة وهو ما يزيد على ثلث القضاة كمرحلة أولى ليتمكن من إدخال مقابل هذه الأعداد من الإخوان وعلى التوازي كانت هناك محاولة اختراق تعيين القضاة وتغيير أماكنهم، فما أحدثه الغريانى في العام الذي تولى فيه مجلس القضاء الأعلى يحتاج إلى إعادة دراسة مره أخرى ومراجعة شديدة للوقوف على التدوير الذي قام به بالمؤسسة القضائية وإدخال بعض الأسماء إلى محاكم معينة وإخراج أسماء منها باعتباره رئيس المجلس الأعلى للقضاء ، أما الواقعة الأخرى احتفال مرسى بـ 6 أكتوبر وكان احتفالاً عبثياً وجلس في الصفوف الأولى أعضاء الجماعات الإرهابية والذين نحاربهم الآن في سيناء وهم من الأساس تخرجوا جميعاً من عباءة الجماعة الإرهابية زمن أبناءها ،فاللوحة التي رسمها مرسى في 6اكتوبر2013 كانت ترسل برسالة محتواها أنه ليس في حاجه للجيش ولديه قوته التي تكفيه ،وكان ذلك بمثابة تدشين لقوة موازية للجيش المصري.

كيف ترى الموقف الأمريكي وبعض دول الغرب من الإرهاب في مصر، وما انطباعك على انتقادها للأحكام القضائية تجاه الإرهابيين ؟

المشكلة الأساسية إننا خاضعين لفكرة الكيل بأكثر من مكيال، ويدعم ذلك التقصير من جانبنا في الدفاع عن موقفنا السليم ، فعندما حاربت أمريكا الإرهاب وأرادت أن تصد هجمات إرهابية تحدث بعيد عنها بدول أخرى ولكي تحصن حدودها وتقف في وجه الإرهاب في جوانتاناموا وهو ليس بمنتجع ولا يوجد مصطلح باللغة وصف لمسمى هذا المكان ولكنه مكان يعبر عن تجرد أمريكا من كافة المبادئ التي تنادى بها ، وفى نفس الوقت تنكر على مصر أن تحارب الإرهاب بالقوانين والمحاكم العادية على الرغم من أنها تخضع لضمانات وإجراءات صعبة جدا في التقاضي وتستغرق سنوات لتحقيقها والتي لا تتناسب مع إمكانيات الإرهابيين في استخدام السلاح، ولا نعلم على أي أساس تنتقد أمريكا الأحكام الصادرة عن القضاء المصري في الوقت الذي تصدر الأحكام في أمريكا بحق المتهمين بالإدانة أو البراءة من قبل مجموعة من المحلفين يأتوا بهم من الشارع ولا صلة لهم بالقانون أو القضاء، والمحاكمة كلها عبارة عن عرض وقائع القضية على هؤلاء المحلفين وهم أصحاب القرار حيال المتهم، والغريبة أن أمريكا تتمكن أن تسوق هذا القضاء لديها كقضاء عادل ومصر لا تستطيع أن تسوق قضائها بكل آلياته واستقلاليته كقضاء عادل، ونود أن نقول لمن يردد مقولة أن القضاء مسيس أن هذا القول به إفك وبهتان، والدليل ما يحدث في المحاكمات، فلو أن القاضي يحكم وفق رغبة السلطة فما حاجته لاستمراره في نظر القضية لعدة سنوات وينتظر رد المحاميين للمحكمة في جلسة تلو الأخرى وسط غابة متشابكة من الإجراءات المعقدة، وأصبح من الضروري للوصول للعدالة الناجزة إصدار قانون إجرائى للإرهاب الذي أشار الدستور إليه لكفالة السرعة مع العدالة، ويجب أن يكون لدينا الشجاعة لمواجهة الإرهاب الذي يستهدف كافة مؤسسات الدولة ، فمشكلتنا مع الجرائم الإرهابية الاستثنائية ليست في العقوبة وإنما في النظام الإجرائي الغير الفاعل

هل لديكم رؤية لكيفية تسويق قضاءنا بصورته الحقيقة ودحض الادعاءات الكاذبة عنه ؟

من يهاجمون القضاء المصري من الممكن أن يكون عندهم عدم وعى بتاريخ القضاء المصري ، وعدم إدراك لكيفية عمل هذه المنظومة ، فهل يتصور هؤلاء أن محكمة النقض الآن تحكم بمبادئ قضائية أقرت منذ أكثر من مائة عام ،ولذا عندما تحكم أو تؤيد حكم على الإخوان أو على غيرهم، فهي تحكم وفق مبادئ مستقرة منذ أكثر من 120 عاما، ومن يرى الأحكام سيتيقن أنها تسير وفق المبادئ القضائية ، وأتحدى أي شخص يقول أن محكمة النقض أصدرت حكم على خلاف المبادئ التي تسير عليها منذ خمسين سنه ، إلا إذا اجتمعت كل أعضاء محكم محكمة النقض ويتداولوا لتغيير المبدأ ،وإن لم تحدث هذه الآلية وصدر حكم على خلاف تلك المبادئ يجوز وقتها القول عنه أنه مسيس ، ولدحض الادعاءات الكاذبة عن القضاء المصري أطالب المثقفين بأهمية تشكيل لجنة للدفاع عن القضاء واستقلاله في الخارج، ويتم من خلالها ترجمة الأحكام التي تصدر من محاكم الجنايات لعدة لغات ليدرك الإعلام الغربي الحقائق عن القضاء المصري والأوضاع التي تمر بها الدولة ، ونحن نحتاج لآلية لتوعية الغرب بآليات التقاضي في مصر.

لفظ تطهير القضاء ردد بعد ثورة يناير ، فما انطباعك عليه ، وهل ترى أن مؤسسة القضاء طالها الفساد كسائر مؤسسات الدولة؟

أولا لابد أن يكون واضحا أن الجسد القضائي شديد المتانة والحساسية وهو أكبر المؤسسات التي تطهر نفسها بنفسها ، فالإخوان كذبا تحدثوا عن تطهير القضاء وهذا كذب لان المؤسسة القضائية في مصر لديها منظومة فعالة جدا لمواجهة الخطأ وتتم بصورة شفافة لمواجهة الفاسد والمنحرف أو المنتمى لجماعات متطرفة فى القضاء ، فكل مجتمع من المجتمعات به نسبة فساد والمشكلة ليس في وجود تلك النسبة بل في كيفية مواجهتها ، وكما ذكرت المؤسسة القضائية لديها أسباب للمواجهة ليست موجودة في أي منظومة أخرى في مصر ، فالقضاة الذين يخرجون من السلطة القضائية نتيجة لانحيازاتهم السياسية يخرجون في إطار هذه المنظومة ، ولذا من رفع شعار التطهير في القضاء إما جاهل لا يعلم عن المؤسسة القضائية شيء أو مغرض يريد تدميرها واختراقها واستبدال أعضاءها بكتائب من الإخوان وقد كان ومازال وهماً بعيد المنال .

سلم القضاء المصرى وسلمت مصر .



أخر الاخبار

د. الخشت يعلن انتهاء جامعة القاهرة من إعداد ملف تأسيس جامعتها الأهلية ضمن استراتيجية التحول لجامعات الجيل الخامس‎
ترقية 488 من العاملين بالجامعة والمثبتين على الصناديق الخاصة الى الدرجات الوظيفية ومنحهم علاوات الترقية والفروق المالية المستحقة من 2016‎
أطباء قصر العينى ينجحون فى عملية نادرة بمنظار الجهاز الهضمى بدل الجراحة فى 20 دقيقة لشاب يعانى من صعوبة البلع وبث إجرائها مباشرة فى7دول عربية وأوروبية‎
كلية العلاج الطبيعي بجامعة القاهرة تعقد مؤتمرها الدولى الثانى حول الابتكار والبحث العلمى .. آفاق جديدة لمستقبل أفضل "جيلZ"‎
معرض خيرى لطلاب المدن الجامعية بجامعة القاهرة 24-27 مارس بمدينة الطلبة لتوفير كافة احتياجات الطلاب بأسعار رمزية‎


عودة

جامعة القاهرة - حوار جريدة الأهرام مع الأستاذ الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة
جامعة القاهرة - حوار جريدة الأهرام مع الأستاذ الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة