وقد اجتمع مجلس الجامعة فى جلسة تاريخية فى 5 ديسمبر 1908 للنظر فى أمر افتتاح الجامعة، وهنا قرر الرئيس "الأمير أحمد فؤاد" أنه سعى إلى خديو مصر، وعرض عليه الأمر بافتتاحها فوافق وقبل أن يحضر ويخطب فيها، وكانت حفلة الافتتاح بمقر جمعية شورى القوانين فى صباح 21 ديسمبر 1908، وحضر الحفل جميع رجال الدولة والوجهاء والأعيان ورجال السلك السياسى، والذين تبرعوا للجامعة، وكذلك أعضاء الجمعيات العلمية فى مصر.
الحالة المالية لمشروع الجامعة:
واستمرت التبرعات تترى على لجان الاكتتاب المركزية بالقاهرة والفرعية بسائر أقاليم مصر. ولم تكن التبرعات نقدية فحسب، بل كان عدد من المساهمين قد أوقفوا أجود أطيانهم الزراعية، فحسن زايد بك أوقف 50 فدانا وقيراطين و18 سهما، وتبرع مصطفى كامل الغمراوى بك بـ6 فدادين و6 أسهم، والشيخ محمد عبد الحميد حبيب بـ5 فدادين، وعوض بك عريان المهدى بـ72 فدانا و23 سهما. وأوقف الأمير يوسف كمال 125 فدانا و16 قيراطا و8 أسهم.
وكانت اللجان المختصة بالمالية تقوم بتحصيل إيجارات جميع هذه الأطيان نقدا سواء من الواقفين لها الذين عرضوا استئجارها من الجامعة بعد أن ألت إليها أو من إيجارها لغيرهم ممن عرضوا إيجارات أعلى من الواقفين، وذلك وفقا للشروط التى تضمنتها الوقفات. ويضاف مجمل هذه الإيجارات إلى حصيلة التبرعات، لتشكل فى النهاية إجمالى رأس مال الجامعة والذى بلغ فى 30 سبتمبر 1911 : 860 مليما و37211 جنيها كانت موزعة على النحو التالى:
مليم جنيها
665 19825 محصلة من الاكتتابات لإنشاء الجامعة.
225 17002 قيمة الأطيان الموقوفة.
940 382 قيمة الأثاث الموهوبة.
وكانت اللجنة المالية قد حددت مبلغ 13845 جنيها المتحصلة من التبرعات النقدية حتى عام 1909 واعتبرته كرأس مال ثابت لا تتصرف إلا فى غلته. ولذلك أخذت المصروفات من إعانة الأوقاف السنوية (وكان مقدارها 5000 جنيها سنويا) ومن غلة المال المذكور ومن ريع الأطيان الموقوفة على الجامعة ومن رسوم قيد الطلبة.
وكان توسع المشروع فى ناحية من الأعمال يضطر اللجنة المالية أن تخفض مصروفات دائرة أخرى، حتى تتوازن الإيرادات مع المصروفات. ففى عام 1910 كانت المصروفات تزيد عن 8545 جنيها فى السنة، فى حين كانت الإيرادات 7202 جنيها و980 مليما، مما اقتضى تخفيض مكافأة الأساتذة من 400 جنيها إلى 300 جنيه فى السنة، وخفض بدل سفر الأساتذة الأوربيين من 100 جنيها إلى 50 جنيها، وبهذه الوسيلة أمكنها أن تزيد فى عدد الدروس: فبعد أن كانت خمسة أصبحت فى هذا العام ثمانية، وزاد عدد طلبة الإرسالية من 11 طالبا إلى 18 طالبا. وبذل الأمير "أحمد فؤاد" ما فى وسعه لتوفير تأليف وفود لجمع الاكتتابات فى القاهرة وفى الأقاليم، واستخدم جميع الوسائل لجمع المال، وقام بسياحات فى أوربا لطلب مساعدات حكوماتها لمشروع الجامعة.
وعلى الرغم من زيادة النفقات التى اقتضاها توسيع نطاق التعليم، وزيادة إرساليات الجامعة إلى أوربا، تمكنت الجامعة من حفظ التوازن بين الداخل والنفقات من خلال الاقتصاد فى المصروفات كلما أمكنهم ذلك، ومن خلال التبرعات والإعانات التى تقدم للجامعة يوما بعد آخر.
وقد قررت الحكومة المصرية منح الجامعة إعانة أولية قدرها 1000 جنيها، أدرجت فى ميزانية 1911. ومع الاستمرار فى زيادة عدد طلاب البعثات والمدرسين الوافدين والوطنيين، كانت المصروفات تتزايد باستمرار. وفى عام 1912 حدث عجز فى الميزانية فقد بلغت الإيرادات 9588 جنيها و838 مليما، بينما بلغت المصروفات 10082 جنيها و419 مليما، أى بواقع عجز يبلغ 500 جنيها، تم تغطيته من وفر الأعوام الماضية.
عودة